نتحدث مع المترجم طارق عثمان في هذا الحوار عن تجربته في ترجمة كتاب «الحب والفراق على أريكة التحليل النفسي» لآرون شوستر ومران بجوفيتش الصادر عن دار مزيج في 2024. طارق خريج كلية صيدلة جامعة القاهرة. مهتم بالقراءة والترجمة في حقول معرفية شتى.
- هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة عن الكتاب ومؤلفيه؟
هذا كتاب صغير، يتألف مِن دراستين في موضوع الحب والفراق، لمؤلفين ينتميان إلى نفس المدرسة الفكرية، المعروفة باسم “مدرسة ليوبليانا للتحليل النفسي”(تيمنا بجامعة ليوبليانا بسلوڨنيا، التي درَس فيها مؤسسو هذه المدرسة ويدرّسوا)، أو التي يمكن تسميتها تجوزا بـ”اللاكانية الفلسفية”. وهي التي تعامل التحليل النفسي كنظرية فلسفية وليس كنظرية في علم النفس أو العلاج النفسي على وجه الحصر؛ وبذلك تعامل فرويد وچاك لاكان كفيلسوفين وليس كطبيبين نفسيين، وتتخذ من مفاهيمهما وتبصراتهما عدّة للتفلسف في شتى المواضيع والمسائل.
تنظر الدراسة الأولى، وهي من تأليف مِران بُجوڨِتش، في فكرة سبينوزية عند لاكان أو بالأحرى في فكرة لاكانية عند سبينوزا. وهي ما يسميه لاكان باستعارة الحب. توجد في كل علاقة حب لحظة حاسمة، عندها يولد الحب بأتم معنى للكلمة، تولد دراما الحب، وتصير علاقة الحب جديرة باسمها، وهي اللحظة التي يتحول فيها المحبوب إلى مُحِب. وتحلل أسئلة من قبيل: متى تقع استعارة الحب؟ ولماذا لا تقع في كل علاقة حب؟ ما معنى أن أحِب؟ وما معنى أن أحَب؟ ما الذي يجعلني أقع في حب محبوبي؟ وما الذي يجعل محبوبي يبادلني الحب؟ ما الذي يجعل علاقة الحب، أي علاقة حب، عسيرة؟ كيف يحب المرء من أول نظرة؟ هل كل حب من أول نظرة هو حب من قبل أول نظرة في حقيقة الأمر؟
وتطرح الدراسة الثانية، وهي من تأليف آرون شوستر، تاريخ فلسفي للفراق، لهجر الحبيب وقطيعته. يبدأ المؤلف تأريخه الفلسفي للفراق من حيث يبدأ الجميع: محاورة المائدة (المأدبة) لأفلاطون، لكنه يقلبها رأسا على عقب؛ يجعلها محاورة عن الفراق لا عن الحب. ثم يتحول إلى بطل الفراق الفلسفي، بلا نزاع، سورين كيركيجارد، وورثه من فناني الفراق العظماء، لوكاتش وكافكا وبيسوا. ثم ينتهي بفرويد، ليبين كيف أعاد التحليل النفسي اختراع الحب واختراع الفراق تبعا لذلك.
2. لماذا اخترت هاتين الدراستين لترجمتهما؟
أنا مهتم بعامة مفكري هذه المدرسة (ومنهم على وجه الخصوص: مِلادن دولار، آرون شوستر، تود مِجاوين، مِران بُجوڨِتش، ألينكا زوبانچچ)، وأعمد إلى ترجمة مؤلفاتهم التي يبدو لي أنها قد تحظى باهتمام طيف من القراء. وأنا ممتن حقا لموقعي “بورنج بوكس” و”مزيج” على عنايتهما بنشر ما أترجمه من هذه المؤلفات.
3. ما التحديات التي واجهتها أثناء ترجمة الدراستين؟
التحدي المعتاد: الجمع بين دقة الترجمة ومقرؤيتها (مع مسحة من الجمال النثري إن أمكن).
4. ما مشروعاتك القادمة في الترجمة؟
أترجم على نحو ارتجالي إلى حدٍ كبير. عندما أقرأ دراسة وأجد في نفسي ميلا إلى ترجمتها، أقرر ترجمتها ببساطة.
5. ما الذي جعلك تتجه إلى مهنة الترجمة؟
لا أحسب نفسي مترجما محترفا. وإنما مجرد قارئ صادف أنه يترجم. ما دفعني (ويدفعني) إلى الترجمة، في المقام الأول، هو شدة إعجابي بتلك النصوص التي أعمد إلى ترجمتها. إنها ترجمة شخصية إلى حدٍ بعيد. لذلك أجد مشقة هائلة في ترجمة نص ليس من محض اختياري، ليس على هواي. وأحرص على تجنب ذلك ما استطعت إليه سبيلا.
6. ما التحديات التي يواجهها المترجم إلى العربية؟
مِن أهمها، في نظري، تضييق الناشرين على المترجمين، دفعهم إلى إنجاز الترجمة في وقت قصير، مما يقلل، حتما، من جودة الترجمة.
7. هل يمكنك أن تصف لنا طريقتك في الترجمة، مثلًا: كم مسودة تعمل عليها؟ وما القواميس والمراجع التي تعتمد عليها؟
مسودة واحدة، لا أفارق جملة إلا بعد أن أفرغ منها بالكلية. مع مراجعة النص العربي مرارا. أعتمد على القواميس الإنجليزية على الإنترنت، خاصة تلك المعنية بتأثيل الكلمات.