إليوت كولا: التراجمة ونقاط التفتيش  (1-2)

إليوت كولا: التراجمة ونقاط التفتيش (1-2)

التراجمة ونقاط التفتيش (القسم الأول)

مقال لإليوت كولا

إليوت كولا أكاديمي مختص بأدب وثقافة الشرق الأوسط، ويعمل أستاذًا مساعدًا بقسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة جورج تاون.

جرت الترجمة ضمن أعمال مختبر سيلاس الخامس للترجمة بالقاهرة.

تُنشر ترجمة الدراسة بإذن من الكاتب

ترجمة:

إسلام صلاح الدين

أغاريد محمود

أمير زكي

تقى زيدان

حسين الحاج

محمد سيد علي

مصطفى طه

نهال خليل

نهال الهجين

هدى ذكري

ياسمين المرجوشي

الترجمة خاصة بترجمان وسيلاس القاهرة

يحتفظ المترجمون بحقهم في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمتهم دون إذن منهم


يعيش مترجم الاحتلال في خوف لا ينتهي.[1]

في نظر أصحاب النزعة الإنسانية، قليلة هي الأنشطة التي تبث أملًا أكبر مما تفعل الترجمة. نحن نعتقد أن الترجمة وسيلة للتواصل، وبالتالي فهي وسيلة للفهم. أو كما نقتبس عمن صاغوا ترجمة الكتاب المقدس المعروفة باسم نسخة الملك جيمس، “الترجمة هي تلك النافذة التي تسمح بدخول النور، هي ما يكسر القشرة، حتى نستطيع أكل اللُب. هي التي تزيح الستار، لنتمكن من النظر إلى الجهة الأقدس، تزيح غطاء البئر لنحصل على المياه”.[2]  بالتبعية، يتصور المتمسكون بالنزعة الإنسانية أن الترجمة تؤدي إلى التعاطف والقبول، وهذا الشعور غالبًا ما يتكرر في الأدبيات النظرية للترجمة. وعلى الرغم من الخلاف والتباين، تتفق كل نظريات الترجمة، ابتداءً من تلك التي وضعها رواد الرومانسية الألمانية، ووصولًا إلى النظريات التي ترجع إلى الوضعيين والتفكيكيين، على أن الترجمة ركيزة أساسية للفهم الثقافي.

حتى قبل 11 سبتمبر، كانت الروابط بين الفهم والترجمة أمرًا بديهيًا. ومنذ ذلك الحين، لم تصبح هذه الروابط أكثر صحة فحسب، بل أكثر إلحاحًا أيضًا. لا يوجد ما يؤكد هذا الأمر أفضل من تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية العربية لسنة 2003، والذي أشار محرروه إلى أن “العلاقات بين العرب والغرب، خاصة بعد 11 سبتمبر، أصبحت شديدة التوتر.. ومنذ ذلك الوقت تعرض العرب والمسلمون والإسلام، للتشهير والتشويه، وانعكس ذلك في كثير من الحوادث التي تنم عن الجهل، والتي كان بعضها دليلًا على تعسف غير مبرر”.[3]

ليست صدفة أن تكون هذه الملاحظة ضمن حُجة أطول، لصالح “مجتمع معرفة” نشط ومدعوم من الترجمة والتبادل الثقافي. “يحتاج العالم العربي أن يستعيد براعته التاريخية في الترجمة، وذلك في إطار انفتاحه على ثقافات جديدة، وهو ما يلزمه لبناء مجتمع المعرفة”.[4]

إنه لأمر مغرٍ أن نشير إلى أن الشعور العام بالحالة الحضارية الطارئة، بجانب الدعوة الخاصة بالإكثار من الترجمة، ساعد على تحفيز نمو دراسات الترجمة في الأكاديميات البريطانية والأمريكية. وفي الوقت الذي يصارع فيه الأكاديميون مع القوى المحركة العنيفة والخطرة لعالم تتسارع خطواته نحو العسكرة، انتقلت دراسات الترجمة من هامش برامج البحوث إلى مركزها، ضمن التخصصات الإنسانية. وتجدر الإشارة إلى أن ذلك ليس إصرارًا على علاقة سببية وآلية، ولكنه بالأحرى رصد للأساليب التي يتم من خلالها تطويع فكرة الترجمة، بوصفها فهمًا، ضمن جهودنا في التفكير بشكل نقدي في الحروب المستعرة في وقتنا الحالي.

إلا أن الأمر يظل أكبر من هذا، ففي نظر الكثيرين، لم تصبح الترجمة ذلك المرهم الإنساني الذي يطيب جراح الحرب فحسب، لكنها صارت دواءً للصراع نفسه. وخلال السنوات الأخيرة، جاء صريحًا ذكر تلك المزاعم بسلمية الترجمة وعلاجيتها. خاصة فيما يتعلق بالترجمة على طول الحدود العربية – الإنجليزية. ويمكن أن تصاغ الفكرة كما يلي: إذا ترجمنا أشياءً أكثر من لغة إلى أخرى، ربما كنا سنستطيع فهم بعضنا أكثر، وربما لم نكن لنضطر إلى الدخول في الحرب، وكما كتب الروائي الأمريكي أندريه دوبوس عام 2007 في توطئة لمختارات مجمعة للروايات المترجمة:

“هناك نظريات عن كيف أصبحنا شديدي الجهل بالثقافات الأخرى حول العالم، على سبيل المثال لم تعد الجغرافيا واللغات الأجنبية تدرس في المدارس، وقلصت المؤسسات الإعلامية الأمريكية تغطيتها للأخبار العالمية، نحن معزولون بين محيطين، لدينا جيران ودودون في الشمال والجنوب، وفي مقدورنا تحمل ترف أن نظل محليين. إن الأسباب الحقيقية لجهلنا الجمعي أكثر تعقيدًا في الغالب. لكن أيًا ما كانت الأسباب الجذرية، فإن العواقب وخيمة. نحن لم نكن أبدًا أقل انعزالًا على صعيد ما نستهلكه من أصناف السلع والخدمات من حول العالم، بينما لم نكن أكثر جهلًا بالأشخاص الذين أنتجوها. وإن لن يكن هناك شيئًا آخر، فإن ذلك يعد منطقة خصبة لسوء الفهم، وللنزاع الدائر، وبالطبع للحرب. وعليه فإن ترجمة ونشر هذا الإصدار لا يمكن أن يكون أكثر ضرورة أو ملاءمة”.[5]

يمكننا القول إن إميلي أبتر طورت هذه المنهجية بأسلوبها الخاص في أكثر التأملات الفكرية النقدية المعاصرة تأثيرًا. تتتبّع أبتر في مقالها “الترجمة في نقطة التفتيش” كيف تعود مجموعة من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين (منهم آن ماري جاسر وخالد جرار وإليا سليمان) لصورة نقاط تفتيش الاحتلال لكي يتأملوا الفراغ واللغة والسيادة.[6] كثيرًا ما تعود أبتر في هذا المقال، كما في دراستها الضخمة الشهيرة “منطقة الترجمة”، للصلات بين الترجمة والحرب، اللتين لا تتفاعلان كضدين، بل كعنصري نزاع شديدي التورط في بعضهما. ومع ذلك، في رأيها أن كلًا من سوء الترجمة وعدم قابليتها يؤديان لانهيار دبلوماسي، مما بدوره، يؤدي للحرب:

إن سوء الترجمة يمثل جزءًا أساسيًا من فن الحرب، وجزءًا جوهريًا للإستراتيجية وخطط الحرب، وجزءًا أصيلًا من قراءة صور الأجساد، وجزءًا تأسيسيًا للموارد البرمجية ومعدات المخابرات. وتمثل أيضًا الانهيار الدبلوماسي وسوء القراءة المتسم بجنون الشك. إن رجعنا لمقولة كارل ڤون كلوزڤيتز المناسبة دائمًا “ما الحرب إلا امتداد للسياسة العامة بطرق مختلفة”، أرجح أن تكون الحرب امتدادًا لسوء ترجمة جسيم أو سوء فهم بأشكال أخرى. أي أن الحرب هي عدم قابلية الترجمة أو فشلها في أعنف حالاتها.[7]

تهتم أبتر بإخلاص بإيجاد علاج لهذه الأزمة حيث أن تركيزها انصب على غموض ممارسات الترجمة والتأويل. تكتب قائلة: “إن دراسات الأدب المقارن المبنية على أصول الترجمة تجدد المسار الروحي للدبلوماسية، حتى في خضم دفعها لاستدعاء غيرية بين الطرفين لن تخضع بدورها للترجمة”.[8]

يتطابق ذلك بالطبع مع المزاعم الفائقة لمترجمي نسخة الملك جيمس حول “الترجمة كوسيلة للفهم”. فكما تشير لغة أبتر، تقترن تلك الرؤية للترجمة بالتصنيفات المقدسة، وتنتمي تحديدًا إلى لاهوت ترجمة يمتد من جماعة الإكليريكيين بالإسكندرية (الذين من المفترض أنهم استوحوا مجهوداتهم من الروح القدس)، إلى رموز هامة من النظرية المعاصرة للترجمة الكنسية، مثل فالتر بنيامين وجاك دريدا، اللذين يؤمنان أن الترجمة ما زالت ممارسة مقدسة.[9]

وبالرغم من جاذبية الجزء اللاهوتي من الترجمة، إلا أنه لا يتفق مع ديناميات المواقع التي غالبًا ما تجري فيها الترجمة بين العربية والإنجليزية. هذه المواقع ليست مكتبات ولا قاعات للندوات، بل نقاط تفتيش، قواعد جيش معزولة وغرف استجواب ملطخة بالدماء. بطريقة أخرى، هي أماكن لا تطأها الملائكة ذات النزعة الإنسانية، وحيث لا يرتبط بالضرورة الفهم بالنجاة. حاليًا، طبقًا لأي مرجع -من الاستثمار العام، والدعم المؤسسي، والتوظيف المهني وتصدير الخطاب- فإن أفضل وصف للترجمة بين العربية والإنجليزية هو أنها مشروع إستراتيجي للهيمنة الشاملة، والغالبية العظمى للمترجمين بين العربية والإنجليزية يعملون كمجندين في مناطق النزاع. يصعب تحديد مدى حداثة هذه الحقائق، حيث تصعب دراستها مع عدم شفافية الجيش بطبيعته. لكن يمكننا رؤية أنها ليست حديثة تمامًا، نظرًا إلى تكرار أصدائها مع ميراث القرنين التاسع عشر والعشرين من غزوات استعمارية واحتلال للعالم العربي.

سأدور في الصفحات التالية حول لحظات من هذا التاريخ لأحاجج بأن الترجمة ليست علاجًا للحرب وانتزاع الملكيات، بل هي إحدى ممارساتها الصميمة.[10] أهدف من ذلك أن أقدم صورة عن الترجمة إن لم تكن مدنية فهي على الأقل علمانية: صورة تبدأ من فهم أن الحروب لا تندلع بسبب سوء فهم لغوي أو ثقافي، ولا بسبب سوء فهم يمكن حله من خلال الترجمة؛ صورة تقر أنه بالرغم من أن الترجمة قد تؤدي للفهم والتعاطف، إلا أنها جزء أساسي من قضية النزاع؛ صورة تقر أن الترجمة الحرفية ما هي إلا صورة من صور الترجمة الممارسة في العالم.

ازدهار ما بعد 11 سبتمبر

قد نبدأ بالإقرار بالطرق التي ساعدت بها الحروب الأخيرة على إنعاش حركة الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، فبينما عم الاستياء من نقص الدعم الموجه للترجمة الأدبية من العربية إلى الإنجليزية طوال العقد الماضي، أصبح هناك نمو ضخم واستثمار غير مسبوق في هذا المجال. عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بدأت الولايات المتحدة باستثمار ما يقرب من مليار دولار سنويًا في مشاريع ترجمات متنوعة من العربية للإنجليزية، ليصل إجمالي ما استثمرته حوالي عشرة مليار دولار على مدار العقد التالي.[11] ضُخَّت أغلب هذه التمويلات إلى قنوات ومشاريع عسكرية ومخابراتية بدلًا من الهيئات الدبلوماسية أو المؤسسات التعليمية.

ومعظم أعمال الترجمة كانت تسند لشبكة من الشركات الخاصة ذات الأسماء المدنية: “كي إم إس سوليوشنز – KMS Solutions” و”إس أو إس انترناشونال – SOS International”، و”ميشن إيسنشال بيرسونيل – Mission Essential Personnel” و”إينفيزن- Invizion” و”نورثروب جرومان تيكنيكال سيرفيسيز- Northrop Gruman Technical Services ” و”شي آتيكا لانجويدجز- Shee Atika Languages” و”تايجر سوان- Tiger Swan” وشاعت وقتها الشكاوى من الفساد وسوء الإدارة.[12]

خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، احتلت شركة “Global Linguist Solutions” وتابعاتها مثل”L-3″ الصدارة في سوق الترجمة العربية المحدود. وحصلت في توقيت ما على عقد مع الجيش الأمريكي بقيمة أربعة مليارات دولار ونصف لتمدّه بـ “عاملي لغات”.[13] على الرغم من أن الجيش الأمريكي أطلق عليهم اسم “اللغويين”، إلا أنه قد جرى تقسيمهم إلى نوعين: المترجمون التحريريون، ويعمل هؤلاء على ترجمة النصوص والمراسلات، ومترجمون فوريون ميدانيون، وهم المختصون بترجمة الأحاديث المنطوقة، ويستعينون بهؤلاء عادة في العمليات الحربية والدعم الميداني (ويشار إليهم أيضًا بلفظ ترب terp، وهو لفظ مختصر من الكلمة الأصلية (interpreter) التي تعني المترجم الشفاهي (وهي لفظة ملتبسة قد يستخدمها الجنود بدافع الحميمية المختلط بقليل من التعالي وشبهة الإهانة).[14]

بعد الحادي عشر من سبتمبر مباشرة، كان الجيش من بين الهيئات الحكومية الأمريكية التي ادعت نقصًا في عدد الأشخاص ذوي الخبرة والمعرفة الكافية باللغة والثقافة العربية أو ما أطلقوا عليه “الخبرة المحلية”[15]. واستمرت هذه الأزمة طيلة العقد، على الرغم من حملات التجنيد الواسعة. [16]

كما بدأ الجيش في الاعتراف بعجزه عن تدريب الأجانب لمستوى الإجادة اللغوية المطلوب لسد هذا النقص، قال العميد المسؤول عن برامج التدريب التي تجري في مكتب عمليات الجيش الأمريكي: “لقد وجدنا أنه من الأسهل تدريب اللغوي ليكون جنديًا بدلًا من تدريب الجندي ليصبح لغويًا” دامجًا في عبارته اللغوي بصاحب اللسان العربي والجندي بالمواطن الأمريكي [17]. وبعد حرب العراق، قالها متحدث رسمي بصيغة مختلفة “من الأسهل أن تعلم أحدهم أن يطير بطائرة F-14 عن أن يتحدث العربية”[18]

وبحلول العام 2004[19]، كانت وزارة الدفاع قد حادت عن تركيزها الأولي في تعليم اللغة العربية للجنود واتجهت نحو تجنيد عرب أًصليين، متيحة لهم العديد من الإغراءات والامتيازات، فعرضت أجورًا خيالية للعرب حاملي الجنسية الأمريكية، وأجورًا معقولة بالنسبة للعرب من المنطقة العربية، مع طرح إمكانية الهجرة والتوطين في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت نفسه، ومن بداية الغزو الأمريكي للعراق، جرى تجنيد مواطنين عراقيين مستقرين هناك -أيضًا باستخدام إغراءات الجنسية الأمريكية. وصلت أجور حاملي الجنسية الأمريكية إلى 200,000 دولار بالسنة.[20]كانت أجور المحليين العراقيين أقل بكثير، حوالي 15,000 دولار في السنة.[21]

جنَّد متعاقدو الجيش عددًا كبيرًا من المترجمين المحليين: في عام 2009، كان هناك حوالي تسعة آلاف مترجم يعملون لصالح شركة “جلوبال لينجويست سوليوشنز- Global Linguist Solutions” في العراق (والوحدات الداعمة في بلدان الخليج المجاورة): ثلثهم تقريبًا من العرب حاملي الجنسية الأمريكية، وأغلبيتهم عرب تم تجنيدهم من بلدان العالم الثالث.[22] الأرقام الدقيقة لعدد الأشخاص المحليين واللغوين المحترفين الذين جندهم الجيش الأمريكي غير معلنة، لكن من المرجح أنها تفوق عدد الذين وظفتهم الشركات الخاصة. 

كان عمل المترجم العسكري في العراق خطيرًا لأسباب عديدة، فقد كانوا عادة أول المستهدفين في عمليات الهجوم على نقاط التفتيش، لأن “المتمردين” علموا حقيقة أنه من دونهم كانت الوحدات الأمريكية أقل فاعلية وأكثر عرضة لارتكاب الأخطاء. تعرَّض المترجمون العراقيون لتهديدات بالقتل من داخل عائلاتهم نفسه، كما تعرَّضت أسرهم لتهديدات بالقتل من المتمردين من جميع التوجهات والطوائف. لا عجب أنهم كانوا يرتدون أقنعة سوداء ويتعمدون إخفاء هويتهم.[23] تتجلَّى مميزات ومخاطر هذه الوظيفة في مقابلة مع المترجم وسام الرشيد، مترجم عراقي عمل مع القوات الأمريكية:

“عليَّ أن أعترف بأن الأجر كان معقولًا جدًا، كان أكثر من ألف دولار شهريًا، وهو معدل جيد بالنسبة للعراق. لقد شعرت كذلك أني أقوم بعمل جيد. لكن العمل كان خطيرًا جدًا. كانت أسوأ كوابيسي أن يؤذي القتلة عائلتي بسبب عملي. إن مِت أنا، لا بأس، إنه عملي في نهاية الأمر. لكني كنت قلقًا على عائلتي واتخذت إجراءات كثيرة لأخفي عملي. كنت ارتدي قناعًا أثناء الدوريات والغارات، ونظارات الشمس حتى لا يتمكن أحد من رؤية عيني. وعلمت طيلة الوقت أني إن انكشفت سأُقتل بطريقة وحشية تليق بخائن كما يرونني”.[24]

بحلول العام 2008، كان قد بلغ عدد القتلى أكثر من 280 مترجم فوري، وجُرح المئات من التابعين لشركة “إل-3\تايتان- L-3/Titan”[25]، وهو عدد يفوق أي بلد أو شركة أخرى (مثل شركة أكاديمي المعروفة باسم بلاك ووتر\إكس إي سابقًا- Blackwater/XE). لا تتوفر الإحصائيات فيما يخص الجيش الأمريكي، لكن من المرجح أن العدد قريب. لنتمكن من القياس الدقيق للعنف في حياة مترجمي الحرب علينا أن نضع في الحسبان العنف الواقع على أفراد أسرهم، ممن قتلوا أو خطفوا أو أصيبوا بجروح جراء حملة قاسية لعقاب المتواطئين أو المتعاونين المعروفين والمشكوك في أمرهم، لتثني الآخرين عن التعاون مع الاحتلال الأمريكي.[26] كان التعويض المعتاد عن الموت يبلغ حوالي 5000 دولار.[27]

بجانب هذه المخاطر، كانت هناك أيضًا صعوبات أخرى، فلدينا الكثير من المعلومات عن العنصرية التي واجهها المترجمون العرب داخل الوحدات، وهو ما سرى على العرب المُجنسين والمحليين على حد سواء[28]. على الرغم من جهود الجيش لتثقيف الجنود، إلا أن الشكوك سادت بين الجنود أن المترجمين العرب لا يمكن الوثوق بهم، وأنهم قد يمدون يد العون للعدو.[29]ولم تكن هذه الشكوك بلا حجة، بالنظر لشهادات المترجمين الذين كانوا يعملون سرًا مع قوات المقاومة، والحوادث الحقيقية لمترجمين انقلبوا على الجنود الأمريكيين وقتلوهم.[30]

يظهر هذا الشعور بانعدام الراحة والأمان جليًا في مقالة نُشرت على موقع بعثي يدين المترجمين العراقيين الذين يعملون لصالح الجيش الأمريكي:

“من هو مترجم الاحتلال؟ خارج القاعدة العسكرية، يعتبرهم الشعب خونة ومرتدين. وداخل القاعدة، يعاملهم الأمريكيون بشك دائم، خوفًا من أن يكونوا إرهابيين. وفي بعض القواعد العسكرية، لا يُسمح لهم باستخدام الهواتف أو الإنترنت أو البريد الإلكتروني أو أجهزة الكمبيوتر أو ألعاب الفيديو أو الكاميرات. ويُمنعون من دخول الحمام وحمامات السباحة. وهم فقط من يتعرضون للتفتيش عند دخولهم لغرف التجمعات والطعام. في بعض الوحدات، يجبرون المترجم على تسليم بطاقة هويته حتى يمنعوه من المغادرة. يعيش مترجم الاحتلال في حالة من الخوف الدائم. عليه أن يكذب باستمرار، إنه لا يتوقف عن تغيير اسمه وهيئته وكل ما يعبر عن نفسه حتى لا يتعرف عليه أقرب الأقربين”. [31]

إن “المترجم الفوري – Interpreter” هو نوع واحد من اللغويين الذين يترجمون ما بين العربية والإنجليزية. في اللغة المخابراتية والعسكرية، تعني كلمة “مترجم Translator” نوعًا آخر من اللغويين، إنه مترجم يعمل على ترجمة النصوص التي عادة ما تكون مكتوبة، بالإضافة للمراسلات الحية أو المسجلة. يعمل هؤلاء بعيدًا عن ميدان المعركة، ويعيشون حياة تبدو مدنية في مدن مثل واشنطن حتى وإن تولوا بعض مهام الترجمة الفورية عن بعد. يعملون بالأساس على ترجمة مقالات الصحف والكتب الأكاديمية، كما يترجمون البيانات والوثائق، ويشمل عملهم أيضًا التنصت على المحادثات التليفونية والإلكترونية، يقع الفارق الجوهري هنا بين “الاستخبارات الآدمية” و”الاستخبارات المشفَّرة”. في الحالة الأولى، عادة ما يكون سياق النص معروفًا: نعرف مَن المتحدث والمُخاطَب وما إلى ذلك. أما في الثانية، فيكون على المترجم البحث عن بضعة كلمات مفتاحية في عدد ضخم من المواد. تكونت فرق الخبراء الشهيرة، التي كانت تقوم باستجواب المساجين بالسجون الحربية مثل جوانتانامو من محقق ومحلل ولغوي (أحيانًا مترجم وأحيانًا مترجم فوري).[32]

تقع الترجمة العسكرية في تقاطع بين كونها ممارسة تدريبية، وكونها تنبني على استثمارات مؤسسية وإستراتيجيات تنظيمية، لذا فهي لا تقف كمشروع عند كونها أداة، لكنها متجذرة كذلك في فهم مسلَّح للغة والثقافة. في لغة الجيش الأمريكي التسويقية، تُعد الترجمة جزءًا من جهود لبناء قوة كاملة معتمدة على الموارد البشرية، تهدف لخلق أشكال من القوة الناعمة باستطاعتها دعم وتعزيز استخدام القوى المسلحة.[33] لكن يجب الإشارة لمفارقة واحدة، أنه على الرغم من الاختلافات بين الجيش الأمريكي وأنصار النزعة الإنسانية لا يوجد اختلاف في وجهات نظرهم حول الترجمة، يرى الجيش الأمريكي الترجمة باعتبارها جسرًا بين الثقافات الإنسانية، من شأنه أن يسهل عمليات التواصل والفهم. وصفت هيئة الدفاع عملية تجنيد “متحدثي التراث-Heritage speaker” كدليل على التعددية الثقافية النابضة بالحياة للمهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكجسر للتفاهم عبر الثقافات في مناطق النزاع.[34] ويمكننا أن نأخذ مثالًا على هذا، الخطاب الذي تقدمه الإعلانات الممولة من الجيش الأمريكي والتي كانت تذاع على القنوات العربية في الولايات المتحدة وخارجها.

في الإعلان المصور أعلاه، يُعزف لحن وطني مؤثر في خلفية مونتاج من الصور لمترجمين عرب وعرب مُجنَّسين في تفاعلات ودية مع مواطنين ممتنين. وتختفي الصور تدريجيًا لتظهر الصور الأخيرة للمترجم محاطًا بمجموعة من الأطفال العراقيين المبتسمين. ويتحدث صوت بعربية فصحى سليمة، قائلًا: “أنا جسر بين حضارتين، أنا جندي أمريكي ومترجم عربي، أبني المدارس وأساعد في توفير الماء…” في إعلان آخر من نفس الحملة، تطير حمامة فوق الأرض ويتساءل صوت: “لو لم يكن هناك مترجمون في هذا العالم، من سيتحدث باسم السلام؟”[35]

بينما يظل هناك شك فيما كان الشعب العراقي يشعر فعلًا أن هؤلاء المترجمين يؤدون دور الجسر الثقافي، من الواضح أنه، في نهاية المطاف، تعامل الجنود الأمريكيون بنوع من التقدير مع المترجمين الفوريين الذين عملوا معهم. تشكل قصص الصداقة والتفهم بين الجنود والمترجمين سمة متكررة في كتابات الجنود الأمريكيين والمترجمين العراقيين.[36] أصبحت هذه النبرة أكثر أهمية في السنوات التالية التي قللت بها الولايات المتحدة وجودها العسكري في العراق، وبدأ المترجمون الفوريون يعانون من البطالة، وأصبحوا دون حماية ومعرَّضين للانتقام العنيف. وفي السنوات الأخيرة من الغزو الأمريكي للعراق، كانت هناك عدة جهود من جنود أمريكيين لحماية حياة المترجمين الذين خدموا معهم -من خلال محاولة الضغط لتسهيل الهجرة القانونية للعراقيين الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية، والتطوع للمساعدة في إعادة توطينهم داخل مجتمعاتهم المحلية.[37] بمعان أخرى، إن قصة الترجمة العسكرية في العراق لا تتضمن فقط الشك والخوف وتهديدات العنف، لكن أيضًا مشاعر المودة الصادقة والأفعال التضامنية. توجد قصص كثيرة أدت فيها الترجمة دورًا في الفهم والتعاطف الإنساني حتى بداخل هذا التاريخ العنيف والضبابي للاحتلال العسكري.

هل علينا أن نُصدم من حقيقة أن الجيش والمخابرات الأمريكية يتبنيان نفس خطاب أنصار النزعة الإنسانية؟ ربما. 

يجب الاعتراف أن المفاهيم الإنسانية للثقافة تختلف كثيرًا عن مفهوم الجيش للثقافة باعتبارها نوعًا من أنواع القوة الناعمة، تقع في خدمة قوة السلاح. ومع ذلك، ينبغي أن تحثنا هذه المصادفة على إعادة النظر في ترجماتنا النظرية وتفسيراتنا للترجمة، من أجل توثيق التاريخ الفعلي للترجمة في عصرنا، وهو تاريخ لا يهيمن عليه بالأساس الأدب أو السيموطيقا، بل الاستثمار العسكري والتدريب والتجنيد والربح. يشير ذلك إلا أنه علينا أن ننظر نظرة أكثر اتساعًا للترجمة، أبعد من مؤسسات النشاط الأدبي السلمية (نسبيًا) لنضم إليها حقيقة أن ممارسات الترجمة هي جزء من النزاع المسلح وانتزاع الملكيات وانتهاك حقوق الإنسان. إنها تعني ضرورة أن نفسح مكانًا على طاولة الترجمة، ليجلس المترجم الفوري المقنَّع بجانب مترجم الكتب.

عوالم وكلمات مسلحة:[38]

“المرأة العراقية: ماكو شي إلكم هنا! روحوا!

كيف (جندي أمريكي): ماذا تقولين له؟

المرأة العراقية: ما سوينا شي غلط. روحوا!

موسى (المترجم العراقي): أقول له ما قلت لي

كيف: ماذا؟

موسى: إنني أترجم!”

ذهب فنست رافاييل [كما هو الحال في مواضع أخرى من عمله] إلى أن “الترجمة تاريخيًا كانت بمثابة أداةٍ للسيطرة إبان الحكم الاستعماري”، وقد تحقق ذلك جزئيًا من خلال إزاحة اللغات الأصلية وإجبار المستعمَر على أن يكون في موضع “التعبير عن نفسه” إزاء “لغةٍ رسمية مُهيمنة”[39]. لكنه يصرُّ، في الوقت ذاته، على أن “الترجمة ليست محض أداةٍ لتثبيت أركان النظام الهيراركي، إذ بإمكانها أيضًا التغلُّب على تلك التمييزات الموجهة ضدها”. ويرى رافاييل أن تلك السياقات شديدة التناقض تخلق صورة متقلبة عن المترجم، ومن ثم يصير مستهدفًا وإرهابيًا، مصدرًا للخطر ومعرضًا له في آنٍ معًا:

“ولما كان ثمة حاجة إلى الاستعانة بخدمات مثل هذا الآخر، فإن الاستجابة تكون مزيدًا من الارتياب فيه. غير أن هذه الشكوك تدفع مرة بعد أخرى إلى توجيه الإهانات العنصرية، التي غالبًا ما تتصاعد إلى عنف، وفي بعض الحالات، إلى جرائم قتل، وبذلك تُفضي إلى إثارة المزيد من الشكوك. العراقيون، من جهةٍ، يرون في المترجم واحدًا من بني جلدتهم، غير أنه يُستخدم ضدهم، فهو إذن عميل مزدوج يرفع لغتهم الأصلية سلاحًا محشوًا عليهم، يطلق الكلمات لصالح رغبات الأجنبي. أما الجندي الأمريكي، من جهة أخرى، فإنه أيضًا يرى في الافتقار إلى خدمات المترجمين باعثًا لازدواجيتهم، وهذا ما يجعلهم متمردين محتملين بالنسبة إليه. وعلى هذا النحو، يبدو (المترجمون المحليون)، لكلا الطرفين، أعداءً متنكرين في زي أصدقاء، تتخفى وراء المهارات اللغوية ذواتهم الأصلية ونواياهم الحقيقية”[40].

يخلص رافاييل من ذلك إلى أن “مهمة المترجم، من ثمّ، غارقة في سلسلة من التناقضات المستعصية الـمُّتعذِّر حلها، بدايةً من حقيقة أن الترجمة بحدِّ ذاتها فعل شديد التقلُّب”. وربما كان “التقلُّب” أبلغ صفةً تعبر عن الدراما التي تنشأ بين الشخصيات التمثيلية للجنود الأمريكيين ومترجمهم العراقي، موسى، في مسرحية راجيف جوزيف الرائعة “نمر بنغالي في حديقة حيوان بغداد” التي عُرضت على المسرح لأول مرة في عام 2009. وتعدُّ استحالة “الترجمة الكاملة” أحد الموضوعات الرئيسية للمسرحية، التي يجري الحوار كليًا، في مقاطع أساسية منها، باللغة العربية العراقية. ويستكشف جوزيف في مشاهد أخرى من المسرحية جوانب من عدم قابلية ترجمة بعض الألفاظ والمصطلحات غير الدلالية non-semantic خلال التواصل، وكيف يتعذر على المرء، في حال أراد التدليل على معانٍ متجسدة معينة، أن ينقل معاني تلك الكلمات والعبارات بوصفها نصًا لغويًّا فحسب، أو دونما إحالة إلى السياق الاجتماعي للتواصل بين الأشخاص المتحدثين والتعريف به. يحاول موسى في هذا المشهد استخدام كلمة بتش “bitch” والتي تعني “قحبة”:

موسى: “طق طق”، “من هناك؟”، “عملية حرية العراق”، “عملية تحرير العراق من؟”، “عملية تحرير العراق، يا bitch” (يحملق موسى في الكلمات، يهز رأسه محبطًا وحائرًا. يقلب في قاموسه.) “bitch”.. “bitch”.. “عملية حرية العراق، يا bitch” (يجد الكلمة ويقرأها، يعبس ويهز رأسه ويضع القاموس جانبًا. يدخل (كيف) حاملًا كمية هائلة من اﻷزياء القتالية. يضعها أرضًا ويلتقط أنفاسه. يحملق موسى فيه، ويحملق كيف بدوره) ما “bitch”؟

كيف: ماذا؟

موسى: “bitch”، ما “bitch”؟

كيف: هل تدعوني قحبة؟

موسى: لا، إنني أسألك عن معنى كلمة “bitch”.

كيف: إذن لماذا تدعوني قحبة يا قحبة؟

موسى: أنا أريد معرفة معناها. “Bitch” الكلمة. لقد بحثت عنها في القاموس.

(يبدأ كيف في ارتداء زيه)

كيف: أنت الترب.[41]

يتعلق هذا المشهد بقابلية ترجمة/عدم قابلية ترجمة اصطلاح أمريكي عدواني وكاره للنساء. تكمن مزحة “طق طق”، بقدر ما هي مضحكة، في قدرة المستمع في التماهي مع موقف تتأكد فيه السيطرة تحت فكرة أن الطارق سيحطم الباب سواء أراد الشخص خلفه إدخاله أم لا. كلمة بتش “Bitch” هي اسم الشخص المستمع في هذه العلاقة، والذي هو شخص مقهور ومحتل وفوق كل شيء امرأة. اﻷهم من ذلك، أنه غير مهم إذا فهم الشخص خلف الباب المزحة أم لا، بما أن الباب سيفتح على أية حال. ومثلما يعاني موسى في استيعاب معنى الكلمات، فأغلب التواصل في المشهد يحدث على مستوى فائق عن اللغة، في عدم الارتياح المتململ المتجسد في الممثلين على المسرح، فما من تواصل بين موسى والجندي اﻷمريكي إلا عندما يشرعان في الحديث حول فيلم السرعة والغضب The Fast and the Furious، تصبح ثقافة أفلام السيارات الهوليودية هي اللغة الحقيقية بينهما. من خلال مثل ذلك التواصل، يستكشف مؤلف المسرحية مزيج مشاعر الحميمية والاعتمادية واﻹعجاب والحقد التي تتصاعد بين الجنود اﻷمريكيين والمتعاونين العراقيين والمواطنين العراقيين من حولهما.

ومن النقاط التي ينبغي الالتفات إليها في تصورات رافاييل وجوزيف عن الترجمة العربية الإنجليزية هي أن الاثنين يقاربان المسألة من زاوية شخصية المترجم الفوري. ومن ثم فإنهما، وفقًا لهذا المعنى، يختلفان إلى حد ما عن الدراسات الأكاديمية المعاصرة في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، والتي تتمحور النقاشات فيها منذ فترة طويلة حول نصوص المدونات الاستشراقية وتاريخها، والإمبريالية الثقافية والرقابة على الكتابات[42]. ولما كانت الترجمة موضوعًا ينتمي للدراسات الأدبية، فإن الطبيعي أن تؤطّرها النقاشات الأكاديمية المعاصرة حول الترجمة العربية-الإنجليزية، لتصبح مسألة أدبية بالدرجة الأولى، أي مسألة نصية (textual). وربما يجدر بنا، في هذا الصدد، أن نلتفت إلى كتاب “شادِن تاج الدين” الرائد، “كلمات منزوعة العداء” Disarming Words، والذي يستكشف بلا مواربةٍ التوظيفات المعقدة للعاطفة من جانب الكتّاب والمترجمين المصريين خلال اشتغالهم في ظل هيمنة الإمبراطورية الأوروبية.

وتقصد تاج الدين في كتابها إلى رصد تشابك الغواية الحضارية والاعتبارات الثقافية في مصر المستعمرة، وتتناول بالتفصيل الكيفية التي أنتجت عن طريقها تلك التشابكات روابط نفسية تغلغلت خلال المجالات العامة المتعلقة بالترجمة، حيث تخالَطَ المستعمِرون والمستعمَرون وتمازجوا. وتنقد رؤيتها بفعاليّةٍ تلك الروابط بين الشرق والغرب، ومصر وأوروبا، والذات والآخر، وذلك من أجل تطوير سردية التبادل الثقافي الأدبي المتعارف عليها والتي تجري داخل النموذج المعياري للقوة الاستعمارية غير المتكافئة. وهي، بذلك، تضع الترجمة في صميم المواجهة الاستعمارية، إذ تقول:

“تنصبُّ جهودي في هذا الكتاب على إعادة تخيل الإمبريالية الثقافية بوصفها دينامية للإغواء الترجمي [بين طرفين] عوضًا عن كونها علاقة فرضٍ أحادية الجانب، ومن ثم فأنا لا أحيّد بأي شكلٍ العنف الثقافي أو الجسدي الذي أنزلته السيطرة الاستعمارية بالمستعمَرين، إذ أن نوعي الانتهاك حقيقيان للغاية، وكلاهما ما يزال ينتاب الوعي ما بعد الاستعماري، علاوة على أن غواية المستعمَر لا تلغي إمكانية المقاومة”[43].

وتطوّر تاج الدين استعارة الغواية من أجل تقديم تصورٍ يشرح كيف أسهمت الترجمة والتبادل الثقافي في خلق الحداثة الاستعمارية المصرية، وبالتالي تتجاوز بنا إلى ما هو أبعد من النقاشات المكرورة حول الصدامات الاستعمارية القومية من أجل تصور الهيمنة والمقاومة بطريقة أكثر تعقيدًا. ومع ذلك، وعلى الرغم من التلميحات العابرة إلى “العنف” و”الهيمنة”، فإن تلك المصطلحات لا تكاد تظهر في تحليلها، لا بوصفها موضوعات أساسية ولا بوصفها مقولات نقدية. وبالنظر إلى أن تركيز مشروع تاج الدين منصبٌّ على التاريخ الأدبي وليس الاجتماعي للاستعمار، يُمكن تفهم الأمر. إذ تعد “الغواية” و”الحب”، في النصوص الأدبية التي تستكشفها، مقولات أصيلة في انسجامها مع البحث في موضوع الترجمة. ومع ذلك، فإن السردية الناتجة تغض الطرف عن كثير من -إن لم يكن عن غالب- ملامح قسوةِ وهشاشة الحياة التي عاشها معظم المترجمين المصريين خلال الفترة التي تستكشفها.

بالانتقال إلى التأمل في السياق العراقي المعاصر، أعتقد أننا ملزمون، في رأيي، بإعادة النظر في التاريخ الاستعماري للترجمة العربية-الإنجليزية، لكن ينبغي أن ينصرف اشتغالنا هذه المرة إلى الانتهاكات وما تنطوي عليه من نماذج هيمنة. ولكي نشعر بمقدار إلحاح الحاجة إلى ذلك، فليس سوى أن نستدعي أنه في حالة مصر المستعمرة (كما الحال في غيرها)، لم تمثل ترجمة الكتب غير جزءٍ من مجموعة أوسع من ممارسات الترجمة، وأن أهل الكتابة لم يكونوا سوى جزءٍ ضئيل من هؤلاء الذين وجدوا وظائف في مشاريع الترجمة الاستعمارية. وإذا استحضرنا الاحتلال الفرنسي لمصر، على سبيل المثال، سنجد أنه كان هناك بالتأكيد عشرات (وربما مئات) من المترجمين الفوريين العرب الذين اضطروا، بسبب تعاونهم مع الاحتلال الفرنسي، إلى الانضمام إلى جيش “الجمهورية” المنسحب مع عودته إلى فرنسا.[44] خلال السنوات التالية، عاش هؤلاء المترجمون ذاتهم كجنودٍ شبه متقاعدين أو لاجئين في الأحياء الفقيرة في مرسيليا، وعانوا من أجل الحصول على لقمة عيشهم من خلال العمل لغويين أو مخبرين محليين لصالح العلماء المستشرقين. وجُنّد كثير منهم مرة أخرى للخدمة في حروب الغزو الوحشية الجديدة في إسبانيا وروسيا والجزائر. ثم كان، خلال الفترة العثمانية، أن ظهر في الشرق وعالم البحر المتوسط طبقة صاعدة من العاملين في مجال اللغة الذين أتاحت لهم مهارات التفاوض والروابط المحلية والمعارف الجغرافية والسياسية، فرصًا للعمل في مدن الموانئ والقنصليات والمواقع السياحية. وتعج مذكرات السفر وتقارير القناصل في كل موضعٍ، بالحديث عن المترجمين الذين كانوا شخصيات غامضة تمامًا، وتذكر كيف أنهم كانوا محبوبين ومخيفين ومدانين بوصفهم مرتدين وخونة في وقت واحد. والأهم من ذلك، أنها تكشف أن المترجمين عادة ما انجرفوا إلى العمل بالترجمة من خلال التجربة العسكرية، وأنهم عادةً ما كانوا يحملون السلاح[45]. وتشي هذه الإشارات كلها بأننا ينبغي أن نضيف إلى استعارة “الغواية” التي استعملتها تاج الدين، استعاراتٍ أخرى مثل “انعدام الأمن”، والاستعارة الأوثق صلة: “التجنيد”.


 [1]ظهرت أجزاء من هذا النص، في البداية، على الإنترنت ضمن معرض ArteEast “ترجمة/ ترانسليشين” عام 2009. بينما قُدمت أجزاء أخرى في ندوة ASOAS/LECSO لعام 2010 حول ترجمة الأدب العربي المعاصر، والتي نظمها الدكتور أيمن الدسوقي، والدكتورة ريتا عوض، بينما في الأصل عُرضت أجزاء أخرى عام 2013 بمركز برج بابل في بغداد، وطرأ على تلك الأجزاء تغييرات هائلة بعد المناقشة المفعمة بالحيوية التي جرت في تلك الأمسية. يرغب المؤلف أيضًا أن يعرب عن امتنانه وتقديره إلى كلٍ من، ديمة أيوب، وكينيث هاينز، وحيدر سعيد على آرائهم ومراجعتهم النقدية للنسخ الأولية من هذا النص.

[2]           Translators of King James Bible.1611, as qtd.in Edith Grossman, Why Translation Matters (New Haven: Yale University Press, 2010), 50.

 [3] United Nations Development Programme: Arab Fund for Economic and Social Development, Arab Human Development Report, 2003: Building a Knowledge Society (New York: United Nations Publications, 2003), 177.

[4] نفس المرجع السابق , 176.

[5] Words Without Borders: The World Through the Eyes of Writers: An Anthology, eds. A.

[6] Emily Apter, “Translation at the Checkpoint,” Journal of Postcolonial Writing 50:1 (2014), 56-74.

بالرغم مما يوحي به العنوان، فالمقال لا يبحث بجدية في الممارسات الفعلية للترجمة في نقاط التفتيش الإسرائيلية، وهو موضوع ثري يستحق الدراسة. وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي لديه تاريخ حافل من تكوين شبكات من المتعاونين، إلا أنه يتجنب استخدامهم في العمليات المكشوفة مثل نقطة التفتيش.

 انظر:Hillel Cohen, Army of Shadows: Palestinian Collaboration With Zionism, 1917-1948 (Berkeley: University of California Press, 2008).

 في استخدام المترجمين الدروز داخل الجيش الاسرائيلي، انظر:

 Rhoda Ann Kanaaneh, Surrounded: Palestinian Soldiers in the Israeli Military (Stanford: Stanford University Press, 2009).

[7] Emily Apter, The Translation Zone: A New Comparative Literature (Princeton: Princeton University Press, 2006), 15-6.

[8] نفس المرجع السابق، 11.

[9] طبقًا للقديس أوغسطين، فقد ألهم الروح القدس السبعين مترجمًا الذين عملوا على ترجمة السبعينية للإنجيل العبري، حتى أنهم بدوا كأنهم يتحدثون من فم واحد.

Augustine, On Christian Doctrine, trans. D. W. Robertson, Jr. (Indianapolis: Bobbs-Merrill), 49.

في “أبراج بابل”، يقول جاك دريدا: “يستسلم المقدس للترجمة، التي تكرس نفسها بدورها للمقدس. لن تكن للمقدس قيمة بدون ترجمة، والترجمة لن تحدث بدون وجود المقدس، لا يمكن فصلهما عن بعض.

From, Acts of Religion, ed. G. Anidjar (New York: Routledge, 2002), 133.

[10] غالبًا ما يعترف بهذه النقطة بلغة ملتوية، مثل هذا التصريح من جلسة استماع الكونجرس في 2008 عن القوات المسلحة: “كما نرى اليوم على الأرض في العراق وأفغانستان، فإن المهارات من لغة ووعي ثقافي أساسية لتقليص العنف وإرساء حكم القانون. على سبيل المثال، لم تكن زيادة القوات في العراق لتنجح من دون كفاءة قواتنا في تطبيق خطط مكافحة التمرد، التي تحتاج بالأساس القدرة على فهم السكان المحليين والاستجابة لمخاوفهم”. بالرغم من صياغة التصريح بشكل يوحي أن الحرب هي السلام، فهناك اعتراف ضمني أن اللغة سلاح.

Statement of Representative Todd Akins before the

U.S. House Armed Services Committee, Subcommittee on Oversight and Investigations, hearing on “Transforming the U.S. Military’s Foreign Language, Cultural Awareness, and Regional Expertise Capabilities” (Washington, D.C.: 10 September 2008).http://www.gpo.gov/fdsys/pkg/CHRG-110hhrg45596/html/CHRG-110hhrg45596.htm (visited May 21, 2015).

[11]  هذه الأرقام مبنية على تقريبات محافظة، بالإضافة لتقارير الكونجرس وتفريغات لجلسات الاستماع عن الميزانية والأرقام التقريبية والمصادر يمكن العثور عليها في: “Lend Me Your Ears: US Military Turns to Contractor Linguists”

[12] راجع:

 “August 12, 2009 Hearing on Linguist Support Services,” Commission on Wartime Contracting in Iraq and Afghanistan http://cybercemetery.unt.edu/archive/cwc/20110929231242/http://www.wartimecontracting.gov/ index.php/hearings/commission/hearing20090812 (visited May 21, 2015).

[13] مصدر الأرقام: “L-3 Out, Dyncorp-McNeil In for $4.65B Iraq Translation Contract?” Defense Industry Daily (December 10, 2007). http://www.defenseindustrydaily.com/l3-out- dyncorpmcneil-in-for-465b-iraq-translation-contract-02885/ (visited May 21, 2015)

 [14] هذه هي التصنيفات المتبعة في جميع الوكالات الأمريكية الحكومية والمدنية والعسكرية. المصدر: “Interpreters and Translators,” Occupational Outlook Handbook 2014-2015 edition, US Department of Labor, Bureau of Labor Statistics. http://www.bls.gov/ooh/media-and-communication/interpreters-and-translators.htm#tab-2 (visited May 21, 2015).

[15] كان إطار الحرب الباردة للتفكير في اللغة والترجمة والصراع واضحًا. وتعليقًا على “مؤتمر” عسكري أكاديمي حول اللغات، قارن وكيل وزارة الدفاع لشؤون الموظفين ,والتأهب، ديفيد إس. سي. تشو بين 11 سبتمبر وإطلاق الاتحاد السوفيتي للقمر الصناعي سبوتنيك، وتابع: “إن الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر، والحرب العالمية ضد الإرهاب والتهديدات المستمرة لوطننا، تُظهر حاجتنا الملحة لاتخاذ إجراءات لتحسين معرفتنا باللغات الأجنبية ودعم القدرات الثقافية للأمة. يجب أن نعمل الآن على تطوير قدرات جمع المعلومات وتحليلها، وتعزيز الدبلوماسية الدولية، ودعم العمليات العسكرية. يجب أن نعمل من أجل الحفاظ على ريادتنا في السوق العالمية والتفوق على المنافسين الذين يزدادون تطورًا يومًا عن يوم والذين تتمتع عمالتهم بمزيج قوي من المهارات المهنية، والمعرفة بالثقافات الأخرى، والكفاءات اللغوية المتعددة.” “دعوة وطنية إلى العمل من أجل تطوير قدرات اللغات الأجنبية”، ” Department of Defense, The National Language Conference (1 February 2005), ii. http://files.eric.ed.gov/fulltext/ED489119.pdf (آخر زيارة للموقع، مايو 2015)

 [16] أتى النقد من داخل هيئة الدفاع ومن خارجها. بالنسبة لمسؤولي وزارة الدفاع، ظل النقص في اللغويين (في العديد من اللغات) يمثل مشكلة كبيرة وملحة حتى في أواخر عام 2008، أي بعد سنوات عديدة من بدء حملات التوظيف رفيعة المستوى من اللغويين: “يبدو أن القسم يعاني من عجز لا يمكن سده في اللغويين. فعلى صعيد الطلب، حددت وزارة الدفاع أن هناك ما يقرب من 33000 شريحة تتطلب درجة من إجادة اللغات الأجنبية”، “بناء المهارات اللغوية والكفاءات الثقافية في الجيش: تحدي وزارة الدفاع في البيئة التعليمية اليوم” صـ 23. راجع أيضًا: تقرير مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية، “هيئة الدفاع بحاجة إلى خطة إستراتيجية وبيانات أفضل عن الاحتياجات لتتمكن من تطوير المهارات اللغوية والإتقان الإقليمي.GAO-09-568 (، يونيو 2009.

[17] المقولة للعميد ريتشارد سي. لونجو، تبعًا لجون جي. كروزل “الجيش ينشط أول شركة من اللغويين العرب الذين تم تدريبهم عسكريًا” Small Wars Journal.(15 أكتوبر، 2008)

 [18] “كيفين هيندزل-Kevin Hendzel” المتحدث الرسمي للمترجمين الأمريكيين، كما ورد عن “دارلين سوبرفيل-Darlene Superville”: “قلة المتحديث باللغة العربية تؤذي الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.” AP Online ونوفمبر 2003: “تعاني الحكومة لإيجاد متحدثين باللغة العربية” Foxnews.com

[19]  راجع:

 Office of the Under Secretary of Defense for Acquisition, Technology, and Logistics, “Defense Science Board2004 Summer Study on Transition to and from Hostilities” (December 2004), 142-145. http://www.acq.osd.mil/dsb/reports/ADA430116.pdf (visited May 21, 2015).

[20]  لنضع في الاعتبار شروط هذه الوظيفة التي أعلن عنها عام 2007: “تعلن شركتنا (Aegis MEP)، أنها تعين حاليًا أفراد مجيدين لكل من العربية والإنجليزية لوظائف لغويين بالخارج. أجر الوظيفة ما بين 144,820 و 186,000 دولار سنويًا. يضم العرض كافة مزايا الشركة، تأمين صحي شامل لك ولعائلتك، وخطة تقاعد بمقابل 401 ألف دولار، وأولوية فيما يخص التعيينات المستقبلية بشركتنا… المتطلبات: يجب أن يكون مواطنًا أمريكيًا أو حاملًا للجرين كارد، وأن يكون مستعدًا للحصول على تصريح أمني، وأن يكون بارعًا في القراءة والكتابة والاستماع والتحدث باللغتين العربية والإنجليزية. وأن يكون على استعداد للسفر إلى الخارج، إلى العراق في هذه الحالة. الواجبات: تقديم دعم لغوي لعمليات الجيش الأمريكي في العراق. توفير الدعم اللغوي العام للعمليات العسكرية والترجمة الفورية خلال المقابلات والاجتماعات والمؤتمرات. تفسير وترجمة الاتصالات المكتوبة والشفوية. تفريغ وتحليل الاتصالات. بالإضافة لفحص الوثائق؛ قراءتها والبحث فيها وتحليلها للحصول على المعلومات الأساسية. ترجمة الوثائق باللغة الأجنبية، التعرف على المعلومات التي تتوافق مع متطلبات المخابرات العسكرية. تقديم مُدخلات للتقارير”.        

http://www.alliraqjobs.com/job-1064.html آخر زيارة للموقع، 21 مايو، 2015)

(25 سبتمبر 2019، الموقع لا يعمل-المترجم)

[21] الأرقام من:

 “Lend Me Your Ears: US Military Turns to Contractor Linguists,” Defense Industry Daily (August 22, 2013).

http://www.defenseindustrydaily.com/lend-me-your-ears-us- military-turns-to-contractor-linguists-05934/

[22] “بيان جون دبليو. هوك، مدير عام شركة جلوبال لينجويست سوليوشنز، إل.إل.سي. قبل اتفاقية تعاقدات الحرب” (12 أغسطس، 2009)

http://cybercemetery.unt.edu/archive/cwc/20110930032235/http://www.wartimecontractin g.gov/images/download/documents/hearings/20090812/Mr_John_Houck_GLS_Statement_08- 12-09.pdf

(آخر زيارة للموقع، 21 مايو، 2015)

[23]  لهذا السبب أثار قرار عسكري بمنع المترجمين من ارتداء أقنعة ذعرًا بين المترجمين العراقيين. راجع مقالة إرنستو لوندونو بالواشنطون بوست (18 نوفمبر 2008): Ernesto Londoño, “U.S. Ban on Masks Upsets Iraqi Interpreters,”

http://www.washingtonpost.com/wpdyn/content/article/2008/11/16/AR2008111602040.html?nav=rss_world . (آخر زيارة للموقع، مايو 2015)

[24] Voices from Iraq: A People’s History, 2003-2009, compiled by Mark Kukis (New York: Columbia University Press, 2011), 132.

 [25] انظر: “Outsourcing Intelligence in Iraq: A CorpWatch Report on L-3/Titan” (April 29, 2008), 16. http://s3.amazonaws.com/corpwatch.org/downloads/Outsourcing%20Intelligence_Updated%20 Dec%202008%20WEB.pdf (visited May 21, 2015).

[26] انظر:
Veronika R. Tuskowski, “Iraqi Translator’s Service Comes at a High Cost,” DoD News (September 22, 2004) http://www.defense.gov/news/newsarticle.aspx?id=25244 (visited May 21, 2015); and C. Mark Brinkley, “Translators’ Fears Disrupt Vital Lines of Communication,” USA Today (12/7/2004). http://usatoday30.usatoday.com/news/world/iraq/2004-12-07-mosul-usat_x.htm (visited May 21, 2015); Hart Seely, “His Terps Were Targets,” The Post-Standard (July 3,

2008).http://www.syracuse.com/following-orion/index.ssf/2008/05/his_terps_were_targets.html (visited May 21, 2015).

[27] Chris Hedges and Laila Al-Arian, Collateral Damage: America’s War Against Iraqi Civilians (New York: Nation Books, 2008), 44.

[28] قصص الإساءة والعنصرية داخل الوحدات الأمريكية شائعة، انظر:

John Glionna and Ashraf Khalil, “Combat Linguists’ Battle on Two Fronts,” Los Angeles Times (June 5, 2005). http://articles.latimes.com/2005/jun/05/world/fg-interpret5 (visited May 21, 2015).
ولقصة مشابهة عن المترجمين الفوريين الأفغان العاملين مع الجيش الأمريكي، انظر:


Joshua Foust, “Maladies of Interpreters,” New York Times (September 21, 2009). http://www.nytimes.com/2009/09/22/opinion/22foust.html?pagewanted=1&ref=opinion (visited May 21, 2015).

[29]  Charles Levinson, “Iraq’s ‘Terps’ Face Suspicion from Both Sides,” Christian Science

Monitor (April 17, 2006).http://www.csmonitor.com/2006/0417/p01s01-woiq.html (visited May 21, 2015).

[30]  انظر المصدر عن تسلل المتمردين في “استضيفوا لغويي الأمة”، في:

Don Moss, “The Hidden Engagement: Interpreters,” Small Wars Journal (May 17, 2010), 3. http://smallwarsjournal.com/jrnl/art/the-hidden-engagement-interpreters (visited May 21, 2015).

[31]  عشتار العراقية – مرجع سابق

[32]  انظر مصادر دور المترجمين في التحقيقات التي أجراها فريق الخبراء في:
Detainee Operations Briefing,” U.S. Department of Defense, Office of the Assistant Secretary of defense, (Public Affairs), (May 4, 2004), 9.

http://www.defense.gov/transcripts/transcript.aspx?transcriptid=2963 (visited May 21, 2015).

.

[33] هذا الخطاب يتأسس على فكرة التسيد اللغوي والثقافي، وهو مبني أساسًا على نماذج من الحرب الباردة: “تطوير قدرات فهم اللغات والثقافات المختلفة واستيعابها مفتاح أساسي للانتصار في الحرب الطويلة ولمجابهة تحديات القرن الواحد والعشرين، ولذلك يجدر بالوزارة (وزارة الدفاع) زيادة عدد الأشخاص المتمكنين من اللغات المحورية مثل العربية والفارسية والصينية، وجعل هذه اللغات حاضرة على كل المستويات من مستوى اتخاذ القرار إلى التنفيذ، ومن المستوى الإستراتيجي إلى التكتيكي، وذلك لأنه من واجب الوزارة تطوير مستوى الفهم والاستيعاب الثقافي للشرق الأوسط وآسيا ليكون مماثلًا لمستوى فهم الاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة”،
Quadrennial Defense Review Report (February 6, 2006), 78.

[34]  صورة من تقرير وزارة الدفاع الأمريكية الذي يصدر كل أربع سنوات، تظهر ظهر مترجم عربي-أمريكي وعلى الصورة هذا التعليق: “يدعم الجيش الأمريكي تنوع المجتمع الأمريكي بتجنيد متحدثين محليين للغات ذات الأولوية، ليعملوا كمترجمين كتابيين وفوريين”. QDR, op. cit., 11.

[35]  المواد الإعلانية المخصصة للإعلام إلى جانب مواد التجنيد الأخرى يمكن الاطلاع عليها من هذا الموقع:

http://www.allied-media.com/Arab-American/Arabic_linguist_recruiting_services.html (visited May 21, 2015).

[36]  
أبرز سردية هي التالية
The most prominent account is that of Kirk W. Johnson, To Be a Friend Is Fatal: The Fight to Save the Iraqis America Left Behind (New York: Scribner, 2013).
انظر أيضًا
Michael Breen, “The Debt We Owe Iraqi Translators,” The Christian Science Monitor (December 9, 2008) http://www.csmonitor.com/Commentary/Opinion/2008/1209/p09s02-coop.html (visited May 21, 2015).
وتدوينات “سام” من بغداد، التي تمتلئ بمدونته بقصص عن الصداقة:

 . http://interps-life.blogspot.com (visited May 21, 2015).
 مدونات أخرى في هذا السياق:

 “Iraqi Translator’s Life in Iraq and His Experiance [sic] With

U.S. Army and Iraqi People,” http://iraqi-translator.blogspot.com (visited May 21, 2015);

[37] انظر:Jill Carroll’s account of the Checkpoint One Foundation, “A Soldier’s Quest to Save Iraqi, Afghan Interpreters,” The Christian Science Monitor (May 7, 2008) http://www.csmonitor.com/USA/2008/0507/p01s05-usgn.html (visited May 21, 2015); George Packer, “Betrayed: The Iraqis Who Trusted America the Most,” The New Yorker (March 26, 2007) http://www.newyorker.com/magazine/2007/03/26/betrayed-2 (visited May 21, 2015); and Ghengis Ron, “We Remember Iraq: Terps,” RangerUp (March 29, 2013). http://rhinoden.rangerup.com/we-remember-iraq-terps/ (visited May 21, 2015).

[38] Rajiv Joseph, The Bengal Tiger at the Baghdad Zoo (New York: Dramatist Play Service, Inc., 2012), 13.

[39] Vincent Rafael, “Translation in Wartime,” Public Culture 19:2 (2007), 241.

[40] السابق، 245

Rajiv Joseph, The Bengal Tiger at the Baghdad Zoo (New York: Dramatist Pla[41] y Service, Inc., 2012), 13.

 [42] انظر HosamAboul-Ela, “Challenging the Embargo: Arabic Literature in the US Market,” Middle East Report 219 (Summer 2001), 42-44;Marilyn Booth, “Where is the Translator’s Voice?” Al-Ahram Weekly897 (May 15-21, 2008); JenineAbboushiDallal, “The Perils of Occidentalism: How Arab Novelists Are Driven to Write for Western Readers”The Times Literary Supplement (April 24, 1998); ZiadElmarsafy, The Enlightenment Quran:The Politics of Translation and the Construction of Islam(Oxford: Oneworld Publications, 2009); Basil Hatim, English-Arabic/Arabic-English Translation: A Practical Guide (London: Saqi Books, 2001); Edward Said, “Embargoed literature” The Nation 251 (September 17, 1990).

  [43] Shaden M. Tageldin, Disarming Words: Empire and the Seduction of Translation in Egypt (Berkeley: University of California Press, 2011), 288.

[44] انظر على سبيل المثال القصص المتشابكة للمترجمين إلياس بقطر، ويوحنا شفتشي، وإلياس فرعون، ولطفي نمر، وغبريال طويل، وروفائيل زاخر، إلى جانب قصة ترحيل “الفيلق المصري” ومذبحة 1815 للمجموعة المصرية الموجودة بمرسيليا في:


Ian Coller, Arab France: Islam and the Making of Modern Europe, 1798-1831 (Berkeley: University of California Press, 2011), 46-139. On Egyptian “mamelouks” in Napoleonic France, see: Darcy Grimaldo Grigsby, Extremities: Painting Empire in Post- Revolutionary France (London, Yale University Press, 2002).

 [45]  انظر
Bernard Lewis, From Babylon to Dragomans: Interpreting the Middle East (Oxford:

Oxford University Press, 2004); Ada Lonni, “Translating Between Civilizations: The Dragoman in Clarel’s Nineteenth-Century Jerusalem,” Leviathan 13:3 (October 2011), 41-48.

اترك تعليقاً