حوار مع المترجم | “النساء” لإدواردو جاليانو ترجمة أحمد عبد اللطيف

حوار مع المترجم | “النساء” لإدواردو جاليانو ترجمة أحمد عبد اللطيف

نتحدث مع المترجم أحمد عبد اللطيف في هذا الحوار عن تجربته في ترجمة كتاب “النساء” لإدواردو جاليانو. أحمد عبد اللطيف روائي ومترجم وصحفي وباحث مصري من مواليد القاهرة، مصر، عام 1978. حصل على الليسانس في اللغة الأسبانية وآدابها، يكتب أحمد عبد اللطيف ويترجم في الصحافة الثقافية منذ 2003، وترجم من الأسبانية إلى العربية ما يفوق ثلاثين عملاً. فاز عام 2013 بجائزة المركز القومي للترجمة في مصر عن ترجمته لرواية “الكون في راحة اليد” لجيوكوندا بيلي.

هل يمكن أن تقدم لنا نبذة عن الكتاب ومؤلفه؟

– كتاب “النساء” لإدواردو جاليانو، أحد الكتب التي صدرت بعد وفاته، وهو عبارة عن مجموعة تأملات في تاريخ المرأة المجهول، جمعها تحت فكرة إعادة كتابة التاريخ، أو نصف التاريخ الذي أغفلته كتب أخرى في أزمنة أخرى. وجاليانو كاتب معروف بنصوصه النثرية، وبثراء هذا النثر. كما أنه معروف بموسوعية ثقافته، ما نلاحظه بقوة في هذا الكتاب، إذ ينتقل من الهند إلى أمريكا، ومن العالم العربي إلى أمريكا اللاتينية، جامعًا سيرة نساء عظيمات.

لماذا اخترت هذا الكتاب لترجمته؟

– بدايةً لأني أحب إدواردو جاليانو، وأثمّن تجربته السردية وأسلوبه. ثانيًا لأن الكتاب يهم المكتبة العربية، ليس فقط لأنه يضم نصوصًا عن درية شفيق أو السيدة سكينة، وإنما كذلك لأن فكرة التأريخ للمرأة ربما تلهمنا بالالتفات للنساء العربيات وأدوارهن التاريخية. ومن ناحية أخرى يعرّفنا على نضال نساء أخريات في بقاع بعيدة. 

ما التحديات التي واجهتها أثناء ترجمة الكتاب؟ 

– أول تحدي في العموم يخص اختيار الكتاب نفسه، فما بين مئات الكتب يجب أن تختار كتابًا تؤمن بخدمته للثقافة العربية، واقصد هنا جودة الكتاب. اما عملية الترجمة نفسها، فالاستراتيجية التي أتبعها تحديد اللغة أو المستوى اللغوي المطلوب، وإيقاع اللغة. هنا لم أجد صعوبات في الحقيقة، لأننا لسنا أمام عمل أدبي أو عمل فكري معقد. ربما إيصال المعنى بطريقة بسيطة كما فعلها المؤلف كان الهدف. وكعادة كل ترجمة، أحتاج إلى البحث عن أسماء شخصيات أو سير أو كتب شديدة الصلة. هنا المؤلف يختار شخصية ويكتب عنها بروفايلًا مكثفًا، أنا أحتاج أثناء الترجمة لامتلاك تاريخ الشخصية كاملًا لتجنب ترجمة معلومة خاطئة أو مصطلح متفق عليه. 

ما مشروعاتك القادمة في الترجمة؟

– مشروعي القادم ترجمة روائي وناقد إسباني شاب له أثر كبير وأسلوب شديد التميز، يكتب رواية شديدة المعاصرة، ويتبع تكنيكات على غير نموذج. هذه التجريبية في الفن لفتتني جدًا، وقريبًا سيظهر بالعربية وأتمنى أن يجد صدى طيبًا. 

ما التحديات التي يواجهها المترجمون إلى العربية؟

– بدأت مسيرة الترجمة منذ ربع قرن تقريبًا، وفي بداية الألفية كانت الصعوبات كبيرة لأسباب أساسها قلة دور النشر المهتمة بالترجمة، وانحصار ذلك في الدور الحكومية والطوابير الطويلة، مع إيمان مطلق من جانب المسؤولين حينها بأن المترجم يجب أن يكون عجوزًا. حين أنظر الآن إلى الوراء أرى هذه الصعوبات بوضوح، ويرافقها مكافآت هزيلة لا تساوي الجهد المبذول في الترجمة. في السنين الأخيرة نحن في العصر الذهبي للترجمة، هناك دور نشر متخصصة في الترجمة فقط، ودور كثيرة تمثل الترجمة فرعًا أساسيًا في عملها. لا يعني ذلك غياب التحديات، لا نزال في حاجة إلى مزيد من الحرية وكسر التابوهات، لا نزال في حاجة إلى تقدير دور المترجم في إثراء اللغة والثقافة، ولا نزال في حاجة إلى قانون حاكم أو مرجعية تخص حقوق المترجم والناشر. 

هل يمكن أن تصف لنا طريقتك في الترجمة، مثلًا كم مسودة تعمل عليها؟ وما القواميس أو المراجع التي تعتمد عليها؟

– أقرأ العمل عادةً قبل ترجمته، وأقرأ حوله. يهمني في هذه المرحلة حسم إن كنت أحب ترجمته أم لا، هناك أعمال هامة لكنها لا تغويني، أتجنبها. بعد حسم أمري،أحيانًا أجرب بترجمة سطوره الأولى وأقارن إيقاع اللغتين وأثره على أذني. كل يوم، قبل أن أشرع في ترجمة فصل جديد، أراجع القديم، وأتحقق من عدم سقوط عبارة أو سوء فهم لعبارة أخرى. وعادة آخذ مسافة بين ترجمة عمل وعمل، وهناك فترة تمر دون ترجمة شيء واكتفائي بالقراءة والكتابة. بالنسبة للقواميس، لديّ معاجم ورقية عامة وأخرى متخصصة، لكني كثيرًا ما ألجأ لمعاجم إليكترونية أو صفحة المجمع الملكي للغة الإسبانية، ولا أستغنى عن صفحة ويكيبيديا لأنها تحل لي مشكلة أسماء الأشجار والنباتات الغريبة. الصعوبة الكبرى تحدث مع ترجمة كتاب من أمريكا اللاتينية إذا كان كثير العامية، وهي مشكلة نواجهها كذلك ككتاب نحتار بين الفصحى والعامية. لكن مع الوقت والتجربة صارت المشكلات أقل. بعد انتهاء الترجمة، أراجع مرتين أو ثلاث بحسب صعوبة النص. وفي هذه المرحلة أحرره أيضًا من قيود اللغة الأجنبية، بحيث لا يفقد الكاتب أسلوبه واللغة الأجنبية خصوصيتها لكن مع مراعاة جماليات اللغة العربية.

اترك تعليقاً