حوار مع المترجم | ديفيد هارفي: مدخل إلى رأس المال – ترجمة: علاء بريك هنيدي

حوار مع المترجم | ديفيد هارفي: مدخل إلى رأس المال – ترجمة: علاء بريك هنيدي

نتحدث مع المترجم علاء بريك هنيدي في هذا الحوار عن تجربته في ترجمة كتاب مدخل إلى رأس المال لديفيد هارفي الصادر حديثًا.

علاء بريك هنيدي مترجم سوري حاصل على الماجستير في المحاسبة وشريك مؤسس لصحيفة المتلمس، صدر له ترجمة تولستوي وعصره عن دار أروقة في مصر، بالإضافة إلى نشر العديد من الترجمات والمقالات في المواقع والمجلات العربية.

يمكن أن تقدم لنا نبذة عن الكتاب ومؤلفه؟

يتخذ الكتاب طابع الكتاب المدرسي، فموضوعه عرض/شرح مدخلي لمادة محددة هي كتاب كارل ماركس رأس المال، المجلد الأول منه. على هذا الأساس –وأنا أفترض هنا معرفة قارئي بـ رأس المال– فالكتاب يُقدَّم لغير/المتخصصين الراغبين جديًا بالاطلاع على هذا النص-العلم والسعي لامتلاك مقولاته وفهمها. أما ديفيد هارفي مؤلف الكتاب فشهرته ذائعة، وكتاباته امتدت من حقله الاختصاصي الأول (أي الجغرافيا) إلى الاقتصاد والثقافة والسياسة والأمر ذاته مع نشاطه العملي في الحياة، ويمكن إيجاز مسيرته بأنَّها اشتباك مع الواقع من موقع محدَّد.

لماذا اخترت هذا الكتاب لترجمته؟

في الواقع، كانت التجربة الشخصية حاسمة في هذا الصدد. لقد جربت قراءة رأس المال عند مراحل مختلفة أيام الجامعة وبعدها وخلال الدراسة العليا، منفردًا أو مع أصدقاء، في كل هذه المرات لم أتوفَّر على مادة مُساعِدة تكون إلى جانبي على الدوام، لكن ماذا لو توفَّر لنا مرشد أو مرجع يعيننا عند كل عتبة من عتبات القراءة؟ الحال أنَّ اللغة الإنجليزية فيها من هذه المواد الشيء الكثير، لكن المكتبة العربية اليوم فقيرة وليس بوسع كل الأشخاص اللجوء إلى لغة غير العربية للتعلم. زِد على ذلك أنَّ أسلوب الكتاب سلس ويراعي جمهورًا واسعًا لأنَّه مبني على خلاصة تجربة قراءة متعمقة للنص وتجربة تدريسية خاضها المؤلف لعقود طويلة. إذن على ضوء ما سلف، لِم مدخل إلى رأس المال؟ لأنَّه يذلّل أمام القارئ صعوبات ومشاق رحلة رأس المال وثمَّة ضرورة نظرية وعملية لإتاحته للقارئ العربي.

ما التحديات التي واجهتها أثناء ترجمة الكتاب؟

واجهت تحديين اثنين: الأول يتعلق بجودة الترجمة، بمعنى أنَّ النص بالأساس يشرح عملًا آخر وسيكون من المعيب إنتاج ترجمة غامضة تحتاج هي نفسها إلى الشرح –بهذا الصدد كان لملاحظات الأصدقاء (هل أقول توبيخاتهم؟) وفريق دار النشر والمحرر أعظم الأثر في تذليل هذا التحدي ولقارئ الكتاب أنْ يحكم هل تغلَّب المترجم على هذا التحدي أم لا–، أما الثاني فكان فنيًا “technical” يفرضه أسلوب الكتابة حيث يدمج هارفي فقرة/فقرات من رأس المال ويعقب ذلك بتعليق لكن النص ككل يحافظ على وحدته وتدفقه، فكان لزامًا عند الترجمة أنْ نحافظ على هذه الوحدة والتدفق بين الفقرات المقتبسة من الترجمة العربية لـ رأس المال وتعليقات هارفي.

ما مشروعاتك القادمة في الترجمة؟

أنتظر صدور ترجمتين قادمتين الأولى في لبنان مع مركز دراسات الوحدة العربية لكتاب علي القادري “Imperialism With Reference to Syria”، والثانية في مصر مع دار صفصافة لكتاب جوزيف ضاهر “Hizbollah: A Political Economy of Lebanon’s Party of God”. وفي الطريق مشروع لترجمة كتاب جديد لم تكتمل أركانه بعد.

ما الذي جعلك تتجه لمهنة الترجمة؟

“هو في حد بيشتغل بشهادته!”

ما التحديات التي يواجهها المترجمون إلى العربية؟

لا أعتقد أنني نظرت في هذه المسألة، لو أردنا الحديث عن المترجمين إلى العربية. لكن لو كان لي الإجابة عن تجربتي الشخصية في هذا المضمار فأقول إنّ التحدي الأكبر يتمثل في قلة أعداد الناشرين المغامرين، ولهذا أسباب متعددة لا يسعها هذا المقام.

هل يمكن أن تصف لنا طريقتك في الترجمة، مثلًا كم مسودة تعمل عليها؟ وما القواميس أو المراجع التي تعتمد عليها؟

لا بد أولًا من الإحاطة بموضوع العمل المُتَرجَم. لا أعني قراءة العمل نفسه بالضرورة قبل ترجمته، بل ما أقصده أنَّ عملًا مكتوبًا في إطار نظرية اجتماعية معينة لا بد أنْ يكون المترجم مطلعًا عليها ثم تأتي قراءة العمل لاحقًا. هذا يضعنا أمام مسألة واحدة ذات وجهين التأهيل والأسلوب / اﻵلية. لن أتطرق للوجه الأول، وسأركز على الوجه الثاني الذي يسميه سؤالكم “الطريقة في الترجمة”. أعمل على ملف يحتوي النص الأصلي والترجمة ثم أراجع كل فصل فور الانتهاء منه وأنقله إلى ملف سيتضمن الترجمة فقط، وأكرر العملية ذاتها مع باقي الفصول. عند هذه المرحلة –وهي الأطول– أكون قد أنتجت ما يمكن تسميته مسودة أولى. تشمل هذه المسودة الترجمة كاملة وعليها بعض الملاحظات الجانبية لمراجعتها وبعض الكلمات أو الجمل الإشكالية. تبدأ بعدها المراجعة الكاملة الأولى والمطابقة مع النص الأصلي. لاحقًا يتكون لدي المسودة الثانية التي أعيد قراءتها من جديد بمعزل عن النص الأصلي وأتحرى في هذه المرحلة أنْ أجعل أسلوبها أسلوبًا عربيًا. لأنتهي مع مسودة ثالثة أعيد قراءتها مرتين الأولى بمعزل عن النص الأصلي (وهذه نصيحة جد مفيدة قدمها لي مترجم عتيد) والثانية بالتوازي مع النص الأصلي بحيث أختم عملي بالمسودة النهائية. في هذه الرحلة لا أستغني عن القواميس أحادية اللغة (Oxford, Chambers, the free dictionary) وأعود أيضًا إلى مراجع المؤلف ذاتها بغية فهم سياقات معينة أو حجاج يسوقه المؤلف، وغالبًا ما تفتح هذه العملية أبوابًا جديدة أمام المترجم/القارئ. كذلك اقرأ حول الكتاب نفسه، سواء مراجعات أو نقد أو حتى عروض ومحاضرات مسجلة، ولا تشغلني الترجمة عن القراءة الخاصة –أقصد كقارئ– فهذه بدورها قد تُقدّم للمترجم هدايا ثمينة لم يكن يتوقعها.

اترك تعليقاً