نتحدث مع المترجم حيدرة أسعد في هذا الحوار عن تجربته في ترجمة رواية «التوأمتان» لتيسا د لو، الصادرة حديثًا عن دار تكوين. حيدرة أسعد طالب في كلية الطب البشري بجامعة دمشق، مترجم عن اللغة الإنجليزية، محرّر مدوّنة تكوين المتخصصة بالكتابة الإبداعية. حائز على جائزة سامي الدروبي للترجمة ٢٠٢٢ – وزارة الثقافة السورية. نُشرت له عدة ترجمات؛ «حيث أجد نفسي» لجومبا لاهيري، و«ذلك الوحش الصغير» لماري أوليڤر، وأخيرًا «التوأمتان» لتيسا دِ لو.
1. هل يمكنك أن تقدم لنا نبذة عن الكتاب ومؤلفته؟
رواية «التوأمتان» هي إحدى أشهر الروايات المعاصرة في الأدب الهولندي. تتناول قصة شقيقتين توأمتين تفترقان في طفولتهما لتجتمعا من جديد بعد قرابة السبعين عامًا. تبدأ الرواية من لحظة لمِّ الشمل، ويعتمد الراوي القفز السرديّ بين الماضي والحاضر. الرواية مكونة من ثلاثة أجزاء وتقع في أربعة وعشرين فصلًا. تحكي عن قدرة الحرب الشعواء على مسخ الأخوّة، وعن الحقيقة بوصفها مسعى لا يمكن بلوغه، وعن الآخر بوصفه جحيمًا.
تيسا دِ لو روائية بارزة، ولدت سنة 1946 في بوسوم بهولندا. درست اللغة الهولندية في جامعة أترخت. من أعمالها: مجموعة قصصية بعنوان «فتاة مصنع الحلوى»، ورواية بعنوان «تسكع». عملها الأبرز هو «التوأمتان» الذي تصدَّر طوال أسابيع قوائم الكتب الأعلى مبيعًا في هولندا وألمانيا، وحوّلت إلى فيلم بإنتاج هولندي-ألماني سنة 2002، رشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
2. لماذا اخترت هذا الكتاب لترجمته؟
جاءني الكتاب بناءً على اقتراح من الناشر، وقد فُتنت بالنصّ من مختلف النواحي، لذا لم يكن قراري بترجمة الكتاب صعبًا، رغم ضخامة العمل (٦٠٠ صفحة). وأعتقد أن ما قادني نحوه يتجلّى في توافر العناصر الأساسيّة التي أحبّذُ أن تجتمع في أيّ عمل يُعرَض عليّ لترجمته وهي: التميّز على مستوى الفنّي، الأهميّة النقديّة للعمل، إضافةً إلى شيء من عامل الحدس والانجذاب الذاتي وشعوري بأنّي أمتلك الأدوات اللازمة لإنجاز هذه الترجمة بعينها.
3. ما التحديات التي واجهتها أثناء ترجمة الكتاب؟
كانت التحديات كثيرة في الحقيقة. ترجمتُ العمل عن لغة وسيطة هي الإنكليزية، والعمل مكتوبٌ بالهولنديّة في الأصل، لكنني استأنستُ مرارًا بالترجمة الفرنسيّة كونني أتقنها إلى حدٍ معين، وحرصنا على مراجعة العمل عن لغة شديدة القرب من لغته الأصل، وهذا ما اضطلعت به المترجمة عن الألمانيّة ليندا حسين. رغم أنّ الوساطة اللغوية تحدٍ كبير في الترجمة، وهناك الكثير من الجدال حولها، لكنني أزعم أننا في هذا العمل قدّمنا أكبر قدر ممكن من الأمانة. واجهتُ في البحث العديد من المشكلات، أهمها ما كان يتعلق بمصطلحاتٍ تخصّ فترة الحرب العالمية الثانية، لا سيما ضمن سياق النازية.
4. ما مشروعاتك القادمة في الترجمة؟
أعمل على ترجمة رواية من الصين هذه المرة، حيث أخوض تجربة مختلفة تمامًا عما سبقها. وكنت قد انتهيت من ترجمة رواية قادمة من القارة الإفريقية ستصدر في النصف الثاني من هذا العام.
5. ما الذي جعلك تتجه لمهنة الترجمة؟
لطالما طُرح عليّ هذا السؤال، وفي كل مرة أجد الإجابة نفسها كافية ووافية: شغفي بالكلمات وولعي باللغة. الترجمة بالنسبة لي ميدان معرفيّ أمارس فيه ألعابي الأثيرة.
6. ما التحديات التي يواجهها المترجمون إلى العربية؟
هناك تحديات كثيرة. من ناحية، تخبُّط سوق العمل واعتماده على الأسماء المكرّسة والعلاقات الشخصيّة. افتقار الوسط إلى صيغة احترافيَّة لإنجاز الترجمات. الأجور المتدنية التي يتقاضاها المترجمون لقاء الجهد الكبير المبذول. غالبًا المترجم في عالمنا العربي غير متفرّغ للترجمة، وبالتالي يحظى بفرص ضئيلة لتطوير مهاراته وصقل معرفته أكاديميًّا.
7. هل يمكن أن تصف لنا طريقتك في الترجمة، مثلًا كم مسودة تعمل عليها؟ وما القواميس أو المراجع التي تعتمد عليها؟
لا أتبع طريقة معينة. أفضل البحث جيّدًا عن العمل قبل البدء بترجمته، وأحتفظ بدفتر صغير أدوّن عليه ملاحظاتي خلال قراءة العمل وأثناء ترجمته، الأمر الذي يساعدني في التركيز على النقاط التي تتطلب المزيد من البحث وإعادة النظر وربما طلب الاستشارة من آخرين أكثر خبرة. أعمل على مسودة واحدة لكن أحاول أن أراجعها قدر الإمكان. أعتمد على قواميس متخصصة في أغلب الأحيان، ففي رواية «التوأمتان» ضمّنت الكاتبة الكثير من المصطلحات الموسيقية الدقيقة، فاستعنت بمعجم الموسيقى الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة. كما أجد قواميس المرادفات مفيدة جداً في كثير من الأحيان.